إن أعظم
انحراف وقع في تاريخ الأمة الإسلامية ظهور الصوفية المنحرفة كقوة منظمة في المجتمع
الإسلامي، تحمل عقائدا وأفكارًا وعبادات بعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم، وقد قَوِي عود الصوفية المنحرفة واشتدت شوكتها في أواخر العصر
العثماني، بسبب عوامل متعددة منها:
1- الأحوال السيئة التي كانت تعيشها الأمة الإسلامية، والواقع المرير الذي كان يعيشه المسلمون في تلك الفترة، من انتشار التخلف والظلم والطغيان والفقر والمرض والجهل. كل ذلك جعل الناس يرتمون في أحضان الصوفية المنحرفة، التي لا تقوم بأكثر من التربيت عليهم، والتحذير لهم، وجعلهم يعيشون في غير واقعهم الذي فرُّوا منه.
2- كان اضطراب الأمن وانعدامه سمة من سمات العصور المتأخرة، حيث كانت تزهق الأرواح لأسباب تافهة، بل دون سبب في بعض الأحيان. وفي هذه الأجواء الحالكة، والظروف العصيبة، كان أرباب التصوف يحيون حياة هادئة، يرفرف عليها الأمن والاطمئنان، بعيدة عن المصائب والفتن التي فتكت بالناس.
"قد كان الفقراء أروح بالاً وأكثر طمأنينة من الفلاحين في حقولهم، والتجار في متاجرهم، والصناع في مصانعهم، فقد كانوا في أمنٍ من تطبيق القوانين، وكانوا في أغلب فترات الظلم الفادح في نجاة من هذه الشرور كلها، لأن الجنود كانوا يخافون بأسهم، ويخشون سلطانهم الروحي، ويؤمنون باتصالهم بالله، فيتزلفون إليهم ويطلبون الرضا منهم، قأقبل بعض الناس على دخول الطريق مدفوعًا بما سيصيبه في رحاب الزوايا من اطمئنان البال واستقرار الحال"[1].
3- الترف في معيشة أرباب الفرق: "كان الفقراء فوق النجاة من ضغط الحياة يومذاك، لا يجهدون أنفسهم في احتراف عمل يكسبون قوتهم من ورائه، بل كانوا يعيشون في الزوايا، طاعمين كاسين، على نفقة المحسنين والأثرياء بدعوى التفرغ للذكر والانقطاع للتهجد والتجرد لعبادة الله. ومن أطرف مفارقة هذا العصر أن يكون هؤلاء الزهاد الذين يدَّعُون التقشف والقناعة بالتافه من شؤون العيش، أرغد عيشًا وأترف حياة من الفلاحين والتجار وأرباب الحرف"[2].
4- حب الأتراك العثمانيين للدروشة والتصوف: "كان الأتراك يحبون التصوف، ويميلون إلى تقديس أهل الإيمان بصدق ولايتهم"[3].
"لقد كانت الصوفية قد أخذت تنتشر في المجتمع العباسي، ولكنها كانت ركنًا منعزلاً عن المجتمع، أما في ظل الدولة العثمانية، وفي تركيا بالذات، فقد صارت هي المجتمع وصارت هي الدين، وانتشرت -في القرنين الأخيرين بصفة خاصة- تلك القولة العجيبة: من لا شيخ له فشيخه الشيطان! وأصبحت -بالنسبة للعامة بصورة عامة- هي مدخلهم إلى الدين، وهي مجال ممارستهم للدين"[4].
وقد كان كثير من سلاطين آل عثمان يقومون برعاية الصوفية، ويفيضون عليها من عطفهم وحدبهم، حتى جاء السلطان عبد الحميد إلى السلطنة في ظروف عصيبة، والمؤامرات تُحاك للأمة، والكوارث والمحن تحيط بها من كل مكان، ودعاة القومية يبثون دعوتهم في سائر البلاد، فدعا إلى الجامعة الإسلامية والرابطة الدينية، وكانت الصوفية بجميع أصنافها وطرقها تشكل ثقلاً في الدعوة إلى الجامعة الإسلامية ىتبع
1- الأحوال السيئة التي كانت تعيشها الأمة الإسلامية، والواقع المرير الذي كان يعيشه المسلمون في تلك الفترة، من انتشار التخلف والظلم والطغيان والفقر والمرض والجهل. كل ذلك جعل الناس يرتمون في أحضان الصوفية المنحرفة، التي لا تقوم بأكثر من التربيت عليهم، والتحذير لهم، وجعلهم يعيشون في غير واقعهم الذي فرُّوا منه.
2- كان اضطراب الأمن وانعدامه سمة من سمات العصور المتأخرة، حيث كانت تزهق الأرواح لأسباب تافهة، بل دون سبب في بعض الأحيان. وفي هذه الأجواء الحالكة، والظروف العصيبة، كان أرباب التصوف يحيون حياة هادئة، يرفرف عليها الأمن والاطمئنان، بعيدة عن المصائب والفتن التي فتكت بالناس.
"قد كان الفقراء أروح بالاً وأكثر طمأنينة من الفلاحين في حقولهم، والتجار في متاجرهم، والصناع في مصانعهم، فقد كانوا في أمنٍ من تطبيق القوانين، وكانوا في أغلب فترات الظلم الفادح في نجاة من هذه الشرور كلها، لأن الجنود كانوا يخافون بأسهم، ويخشون سلطانهم الروحي، ويؤمنون باتصالهم بالله، فيتزلفون إليهم ويطلبون الرضا منهم، قأقبل بعض الناس على دخول الطريق مدفوعًا بما سيصيبه في رحاب الزوايا من اطمئنان البال واستقرار الحال"[1].
3- الترف في معيشة أرباب الفرق: "كان الفقراء فوق النجاة من ضغط الحياة يومذاك، لا يجهدون أنفسهم في احتراف عمل يكسبون قوتهم من ورائه، بل كانوا يعيشون في الزوايا، طاعمين كاسين، على نفقة المحسنين والأثرياء بدعوى التفرغ للذكر والانقطاع للتهجد والتجرد لعبادة الله. ومن أطرف مفارقة هذا العصر أن يكون هؤلاء الزهاد الذين يدَّعُون التقشف والقناعة بالتافه من شؤون العيش، أرغد عيشًا وأترف حياة من الفلاحين والتجار وأرباب الحرف"[2].
4- حب الأتراك العثمانيين للدروشة والتصوف: "كان الأتراك يحبون التصوف، ويميلون إلى تقديس أهل الإيمان بصدق ولايتهم"[3].
"لقد كانت الصوفية قد أخذت تنتشر في المجتمع العباسي، ولكنها كانت ركنًا منعزلاً عن المجتمع، أما في ظل الدولة العثمانية، وفي تركيا بالذات، فقد صارت هي المجتمع وصارت هي الدين، وانتشرت -في القرنين الأخيرين بصفة خاصة- تلك القولة العجيبة: من لا شيخ له فشيخه الشيطان! وأصبحت -بالنسبة للعامة بصورة عامة- هي مدخلهم إلى الدين، وهي مجال ممارستهم للدين"[4].
وقد كان كثير من سلاطين آل عثمان يقومون برعاية الصوفية، ويفيضون عليها من عطفهم وحدبهم، حتى جاء السلطان عبد الحميد إلى السلطنة في ظروف عصيبة، والمؤامرات تُحاك للأمة، والكوارث والمحن تحيط بها من كل مكان، ودعاة القومية يبثون دعوتهم في سائر البلاد، فدعا إلى الجامعة الإسلامية والرابطة الدينية، وكانت الصوفية بجميع أصنافها وطرقها تشكل ثقلاً في الدعوة إلى الجامعة الإسلامية ىتبع
0 التعليقات: